Uncategorized

اقرأ 25 دقيقة يوميًا: الفعل الصغير الذي يعيد ترتيبك من الداخل

كتبت غريتشن روبين، الكاتبة المتخصصة في السعادة والعادات اليومية، في موقع تايم Time بتاريخ ١٩ ديسمبر 2024، مقالة ملفتة بعنوان: هل تود القراءة أكثر في ٢٠٢٥م؟ ابدأ بخمسٍ وعشرين دقيقة يوميا. “Want to Read More in 2025? Start With 25 Minutes a Day”.

تدعو فيها ببساطة إلى شيء نعرفه، لكن قلما ننتبه إلى قوّته:

أن نمنح للقراءة وقتًا يوميًا ثابتًا، لا يتجاوز خمسًا وعشرين دقيقة.

بدا لي الأمر في البداية موضوعًا مكررًا. لكن حين تأملت ما بين السطور، وجدت أن المقصود ليس القراءة بحد ذاتها، بل العودة إلى الإيقاع الداخلي الذي أفسدته حياتنا السريعة الصاخبة.

فالقراءة ليست فقط إنجازًا على مستوى عدد الصفحات، بل استعادة لنَفَسٍ داخلي فقدناه ونحن نلهث خلف المهام الحياتية المتتالية.

أنا شخصيًا لا أؤمن بالتحديات التي تطلب إنجاز خمسين كتابًا في السنة، كما ينتشر بين مؤثري مراجعات الكتب، لأنّها غالبًا تنتهي بتسطيح التجربة.

لكنني أؤمن بـ”الاستقرار القرائي” ــ أي أن تصبح القراءة عادة عضوية أصيلة في يومك، كما تحتسي كوبًا من الشاي، أو تمشي في نزهة هادئة.

تخصيص ٢٥ دقيقة للقراءة كل يوم لا يُرهق، ولا يُربك، ولا يتطلب تجهيزات مسبقة.

إنه مجرد فعل صغير، لكنه ــ بمرور الوقت ــ سيعيد ترتيب كثير من الأشياء في داخلك. وسيخفف من حدة الضجيج.

هذا الفعل الصغير يعلمك أن بعض الأفعال البسيطة ليست أقل تأثيرًا لأنها صغيرة… بل على العكس، هي مؤثرة لأنها صغيرة، وبذلك يمكنها أن تتحايل برفق على فوضاك.

كيف يمكن أن تبدأ؟

من واقع تجربتي، أنصحك بالآتي:

اجعل القراءة في وقت ثابت: قبل النوم، أو بعد الفجر، أو في استراحة العمل… الأهم أن يرتبط وقت القراءة بشعور داخلي بالهدوء لا بالواجب. اختر كتابًا لا يُشعرك بالذنب: فلا تقرأ لتُعجب الآخرين، بل لتُرمم شيئًا فيك. الكتاب الذي لا يجذبك بعد ٢٠ أو ٣٠ صفحة على الأكثر (هكذا أنا)؟ تجاوزه بلا تأنيب ضنير. لا تقيس الفائدة بمعيار الكثرة: فلعل صفحة واحدة تُعيد إليك سؤالًا قديمًا، أو تنفض عنك فكرة مغلقة، وهذا يكفي لتكون عنصر تغيير كبير في حياتك. وكذلك، لا تخلط بين القراءة والهروب، بل اقرأ لتواجه ذاتك، لا لتغفل عنها. هناك فرق بين أن تختبئ خلف كتاب، وأن تجد نفسك فيه.

أن تقرأ 25 دقيقة كل يوم لا يعني أن تصبح قارئًا محترفًا، بل إنسانًا أكثر اتزانًا.

تبدأ اليوم دون شعور بالضغط، وتُكمل في الغد دون شعور بالتقصير…

وهكذا، تتحوّل القراءة من عادة ثقافية إلى ركن وجودي.

فهل تبدأ اليوم؟

كل ما تحتاجه: كتاب لطيف على الطاولة، وقرار صغير.

وقد حرصنا في دار شفق على إصدار الكثير من الكتب الصالحة لمثل هذه الانطلاقة، منها كتبي شخصيا، بصحبة كوب من الشاي، والراقصون تحت المطر، وكلمة وكلمتين، وعلى حبل مشدود.

وكذلك العديد من الكتب الأخرى، مثل، كيف غيرت القراءة حياتي، وحبة الخردل، ونوافذ على العالم، وقالت لي الأيام تأمل، وعالم يخصني وحدي، وغيرها كثير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *